0

 



✍️ ناصر بن سلمان الشكيلي :  


في عالم الأعمال التنافسي ، حيث يسعى الأفراد والمؤسسات لتحقيق النجاح والتميز ، قد يظهر سلوك خفيٌّ ومدمرٌ يؤثر سلبًا على بيئة العمل ، ويقوض أسس الثقة والتعاون . 

( النفاق الوظيفي ) هذا السلوك المعقد والمتعدد الأوجه ، يتجلى في التناقض الصارخ بين الأقوال والأفعال ، وبين المظهر الداخلي والخارجي للموظف ، مخلفاً وراءه آثاراً وخيمة على الأفراد والمؤسسة ككل .

و لتشخيص النفاق الوظيفي ، هناك أقنعة متعددة ووجوه خفية ، 

حيث أن النفاق الوظيفي لايقتصر على الكذب الصريح أو التملق الظاهر ، بل يتخذ أشكالًا أكثر دقة وتخفيًا. يمكن ملاحظته في ازدواجية المعايير ، حيث يتبنى الموظف معايير مختلفة في التعامل مع الزملاء والرؤساء ، فيظهر الولاء المطلق أمام المسؤولين بينما ينتقد ويتذمر في الخفاء.

 و التملق الزائد والمبالغة في الثناء ، بهدف كسب ودّ الرؤساء أو الحصول على امتيازات ، حتى لو كان ذلك على حساب الحقائق أو القيم.

 و التظاهر بالاتفاق وإخفاء المعارضة ، خوفًا من المواجهة أو الرغبة في الظهور بمظهر المتعاون ، بينما يحمل في داخله آراءً مختلفة أو حتى معارضة حقيقية.

 بجانب نشر الشائعات والنميمة ، بهدف تشويه سمعة الآخرين أو تحقيق مكاسب شخصية من خلال إثارة الفتن والخلافات.

 وكذلك الوعود الكاذبة وعدم الإلتزام ، وذلك لتقديم صورة إيجابية مؤقتة أو لتجنب مسؤولية معينة ، دون وجود نية حقيقية للوفاء بالوعود.

 و التلاعب بالمعلومات والحقائق ، لتظليل الآخرين أو إخفاء الأخطاء أو تجميل الصورة الذاتية.


ومن الآثار السلبية للنفاق الوظيفي على بيئة العمل ، حيث يمتد تأثير النفاق الوظيفي ليشمل جوانب متعددة في بيئة العمل ، مخلفًا آثاراً سلبية مدمرة ، منها تآكل الثقة ، فعندما يكتشف الموظفون التناقض بين أقوال وأفعال زملائهم أو رؤسائهم ، تتزعزع الثقة المتبادلة ، وهي أساس أي علاقة عمل صحية ومثمرة. بجانب انتشار السلبية والإحباط ، حيث يخلق النفاق الوظيفي جواً من الشك وعدم الأمان ، مما يؤدي إلى شعور الموظفين بالإحباط وعدم الرضا ، ويقلل من حماسهم وإنتاجيتهم.

 علاوة على ضعف التواصل والتعاون ، حيث يصبح التواصل صعباً في ظل إنعدام الثقة والخوف من النوايا الخفية ، مما يعيق التعاون ويقلل من قدرة الفريق على تحقيق الأهداف المشتركة.

 إضافة إلى زيادة مستويات التوتر والصراع ، حيث يؤدي النفاق الوظيفي إلى خلق بيئة عمل مليئة بالتوتر والصراعات الداخلية ، و يسعى كل فرد لحماية نفسه أو كشف نفاق الآخرين.

 بجانب تدهور الأداء والإنتاجية ، فعندما ينشغل الموظفون بالتكتيكات السياسية والمظاهر الكاذبة بدلًا من التركيز على مهامهم ، ينخفض مستوى الأداء العام للمؤسسة.

 علاوة على هجرة الكفاءات ، من خلال ما يشعر به الموظفون الملتزمون والقيمون بالضيق في بيئة عمل يسودها النفاق ، مما يدفعهم للبحث عن فرص عمل في أماكن تقدر الصدق والنزاهة.

 و يمكن أن يتسرب تأثير النفاق الوظيفي إلى خارج المؤسسة إلى تشويه سمعة المؤسسة ، مما يؤثر سلباً على سمعتها .


لذا فإن مواجهة النفاق الوظيفي يعتبر مسؤولية مشتركة فلا يمكن القضاء على النفاق الوظيفي بشكل كامل ، ولكنه يتطلب جهوداً متواصلة من جميع الأطراف المعنية . فالقيادة يجب أن تكون القدوة الحسنة وتتبنى الشفافية والصدق في جميع تعاملاتها ، وأن تعمل على تعزيز ثقافة الاحترام والتقدير والمساءلة.

 و إدارة الموارد البشرية ، يجب أن تضع سياسات واضحة لمكافحة السلوكيات السلبية وتعزيز القيم الأخلاقية ، وتوفير قنوات آمنة للإبلاغ عن المخالفات.

 و الموظفون أنفسهم يجب أن يتحلوا بالشجاعة للتعبير عن آرائهم بصدق واحترام ، وأن يرفضوا المشاركة في أي سلوك منافق ، وأن يكونوا حريصين على بناء علاقات عمل قائمة على الثقة والنزاهة .


وختاماً يمثل النفاق الوظيفي تهديداً حقيقياً لبيئة العمل الصحية والمنتجةً. من خلال فهم أشكاله وآثاره السلبية ، والعمل المشترك لمواجهته ، بما يمكن المؤسسات من أن تخلق بيئة عمل إيجابية ومستدامة ، تعزز النمو والنجاح للجميع.

إرسال تعليق

 
الى الاعلى