0


الأحساء - متابعات-  فؤاد البطيان :  

ثقافة بلاحدود وإستدامة الأثر المجتمعي ، عبد الله البطيان 

يتصّف بالصمت و الإثارة في آن ، يُدولب في دهاليز الثقافة ، سقف طموح عال الدكتور عبدالله عيسى البطيّان . 

اكتنفت مدينة الهفوف مولد الدكتور عيسى البطيان ، و نشأ في وسط تلك المدينة المحروسة الموسومة بالتعدديةبعناوينها الإيحابيّة ، يحمل حِسّاً تسامحيّا مؤمنا بالتعايش ، و مؤكدا تطبيقيّا السلم الأهلي ، تبقى حالة العيش المجتمعي بكل عاداته ، و تقاليده ،واعرافه محل تقدير ، لكنّه مع إرهاصاتها يتمكّن من تجاوزها ليكون قريباً من الجميع . إلى أيّ مدى أثّر ذلك في شخصيته بين المحافظة و الحداثة . 

يتبادر للذّهن كيف لطيب بيطري (وهو تخصّصه الأكاديمي وامتهانه الرسّمي ) أن يكون اشتغاله وحضوره المجتمعي في الأدب ؟ مع أنّه لاحقاً حصل على الماجستير في علم الإجتماع. 


عبر أكثر من عقدين من الزمن لا يفتؤ هذا الحساوي منح الساحة الثقافيّة جديد في الفعل الثقافي . وتجربته تستحقّ الوقوف عندها ، وحراكه الفردي ( بمنشأ ما أعرّفه بالتاريخ الموازي ) مع إصراره أن يكون جمعيّا ماامكنه ذلك ، هل وفّّق إلى ذلك ؟ 

اقتداره لِلتّسابق مع المستقبل ، يستشرفه و يعدُّ عُدّته ، وتوظيف إمكاناته أن يكون متواجداً في اللحظة المناسبة . ويعلمُ القريبين كم يكلّفه هذا من جهد شخصي (مع ضغط العمل بمنفذ البطحاء على حدود الإمارات ) ووقت ، ومال . 

مع وضوح حضوره وبعض رفقاء الأدب مع كونه يعمل بتثليث في الجنوب استطاع أن يؤسِّس أول مشروع ثقافي بإصدار الجزء الأول من موسوعة إضاءة عام 2011 وهي أوّل موسوعة من نوعها بالعالم العربي و تم تسجيلها بمكتبة الملك فهد الوطنية . هذه النُقلة الصائبة في خضم حراك مشهد الفكر الأحسائي و نمو حالة الثقافة بالمملكة . 

وكادت الموسوعة أن تتوقف في لحظة كبو الحصان ( ولا زلت اتذكر لقاءنا وحديثنا حول ذلك في حينه) ، استطاع البطيان ا

أن يُلملم أطراف حضوره متوثّباً وينهض من جديد ، و يُكمل مسيرتها الى صدور الجزء العاشر . 

هذه التجربة مكّنته أن يكون على وصل مع مثقّفي الأحساء وخارجها ومع انشاء نادي النورس الثقافي إزدادت دائرة المعارف عدداً على جغرافية العالم العربي . 

يحمل همّاً ثقافيّا حتى في أثناء حضوره لِملتقيات تخصّصه العملي داخل المملكة وخارجها ، هل الثقافة متلازمته ؟ 

و ما أن طرحت وزارة الثقافة الشريك الأدبي حتّى كان مقهى تون ( نغم) بالهفوف ( أحد خمسة مقاهي في المملكة في بداياته ) ملاذاً لحراكه و استقطاب المؤثرين و التحول لنشر الثقافة على المستوى الإجتماعي ، ومن أجمل ماقام به هو مهرجان الأحساء المبدعة العالمي للأدب ( و الذي كنا نتمنّى أن يكون دوريا ، ولكن… ) ومع ذلك كان من بواكير من حصل على أن يكون وكيلاً أدبيّا بهيئة الأدب و النشر والترجمة ولازال ، ومكّنه ذلك أن يُغادر و يشارك بأسفاره في الصين وفرنسا و المكسيك و المغرب ، و يثري المكتبة بأربعة إصدارات في أدب الرحلات. 

لسلوكه في تجاوز التمايزات مايجعله أريحيّ التعامل ،و هو الصامت الثائر حين يتطلّب بياناً مع عواطف مشحونة بالرغبة بالإنجاز له ، ولمنفعة غيره ، خدوماً ماأمكنه ، وباذلاً ماوسِعه ،وساعياً لمطلب رفعة الغير ، وقد نجح من خلال تبنّيه تشجيع الشابات ، و الشباب لطباعة الكتب و الّتي وصلت لأكثر من مائة و ثلاثون إصدارا . 

تمكّن من خلال جمعيّة هاوي أن يرخّص لنادي النورس الثقافي ،و هذا يقيناً ساعد على الإطمئنان في مسبرة الأسهام لتحقيق مستهدفات رؤية ٢٠٣٠ بالمملكة العربيّة السعوديّة 

عرفت الدكتور البطيان منذ بواكير نشاطه وتواصلنا معه عندما كان يعمل في تثليث ، وتعمّقت تلك العلاقة إلى حميميّة الصداقة بعد عودته للأحساء. وكان التواصل في محل إعتبار فأكرمني أن أكون مستشارا لنادي النورس الثقافي مع كثرة انشغالاتي ، و دعم النادي، وتكلّل ذلك من خلال مساحة الشايب المسجلة في هاوي لإقامة الفعاليات المرخصة .


و بين مقر النادي على شارع الستين بالهفوف ، و مكتبتي بمقر مركز النخلة للصناعات الحرفيّة و على طول السنين اتعرف أوّل بأول عن نشاطه المزدحم ، و قد أتحفني بإعداد كتاب عن مشهد الفكر الأحسائي ، و اتخذ من المكتبة مصدرا لسلسلته في قراءات عن الكتب التي تحتضنها المكتبة . سمّاها امداد مشهد الفكر الأحسائي و صدر عتها عدة اصدادرات . 


 والدكتور عبد الله البطيان مشجعاً ، ومحفزاً للكتابة ،و إصدار الكتب في أكثر من موضوع ، وهو يقوم بالمراجعات و إقامة الندوات ، و التدريب ، و حفلات توقيع الكتب . 

ولعل ممّا يجعل للبطيّان حضوراً في الأدب ، و بكونه كاتب سردي هو شاعر يكتب بالفصحى لكنّه مُكثرٌ باللغة العربية المحكيّة لأهل الهفوف ، وقد أجاد الدكتور الشفاج من المغرب بدراسة ( الجمال الشعري عند عبدالله البطيان ) عنه في كتاب قيّم أبان اقتداره في شعريًته ، والبطيّان يكتب في أغراض شعريّة مختلفة على راسها قصائده الوطنيّة . 

و سيرته مُفعمة بالمنجزات الّتي تراكمت عبر الزّمن ، و مشاريعه أيضا ، و قد تم اختياره من قبل وزارة الثقافة و مركز الملك فيصل للدراسات . عضوا في توثيق الثقافة غير المادية في مجتمعات الأحساء . 

و قد اأتحفنا بأربعة اصدارات تعنى بالثقافة غير المادية( سلسلة الثقافة الشعبية غير المادية بالأحساء) 

  

و في مسيرته تم اختياره سفيرا للنوايا الحسنة ( و هي من صفاته الحميدة ) في الجمعية النرويجيّة للعدالة و السلام (وهي منظمة تطوعية لاربحية مقرها النرويج)، و تم تكريمه بحصوله على الشهادة الفخريّة من جامعة ريدج النرويجيّة 

يبقى الدكتور عبدالله البطيان أيقونة في الحراك الثقافي في المملكة و العالم العربي ، و مع هيئة الأدب للنشر و الترجمة بمساندة ترجمات الكتب باللغات العالمية و حضي بترجمة ثلاثة من منتجه للفرنسيّة . 


الدكتور عبدالله البطيان مع كل ذلك سهلُ المعشر ، متيسّر التعامل معه ، محبٌّ للآخر ، فرحٌ للمنجز .

كم نحتاج لمثله بفاعليّة و الّذي لايمكن تجاوزه إذا ماعدّ رموز الثقافة في مشهد الفكر الأحسائي . 

أتحف مكتبة مشهد الفكر الأحسائي و لقراء العربيّة ب 46 إصدارا في أكثر من مجال في المقالات ،و الأدب و الشعر و التراث و أدب الرحلات وغيره . 








إرسال تعليق

 
الى الاعلى